عن زواج الـ(SUSHI).. مشاعر اقوى من الطائفية!

 رغم تصاعد حدة التصدع الطائفي في المنطقة العربية، هناك الكثير ممن اختار سبيلا آخر، يعتقد البعض أنه قد يمهد لولادة أجيال عابرة للهويات الفرعية وذلك من خلال الزواج المختلط.

في العراق مثلا.. وصلت نسبة الزواج بين أبناء الطائفتين السنية والشيعية إلى ما يقرب من 27% حسبما أعلن وزير الخارجية إبراهيم الجعفري مؤخرا.

ورغم أن العراق شهد أسوأ موجة عنف طائفي بعد عام 2003، لكن نسبة لا بأس بها لا تزال تعتبر التشجيع على الزواج ليس بين الشيعة والسنة فقط، بل بين المذاهب والقوميات كافة، سلاحا للقضاء على الطائفية.

اتساع الخلاف بين المذاهب، لم يقف عائقا أمام (سرمد) وهو شاب تركماني ينتمي للطائفة السنية، للمضي قدما بعقد قرانه على فتاة عربية تنتمي للطائفة الشيعية.

بينما يشهد العراق والمنطقة بشكل عام حروبا يغلب عليها الطابع الطائفي، حدثني سرمد عن الأسباب التي دفعته لاختيار هذا النوع من الزواج قائلا “انا بصراحة قوميتي تركمانية.. وزوجتي المستقبلية هي عربية.. انا سني وهي شيعية.. وليس لدي اي تردد من الزواج بها.. كل شيء لم يخطر في بالي سوى إننا عراقيون ومسلمين”.

سرمد كغيره من العراقيين فقد احد أشقائه في فترة الاقتتال الطائفي بين عامي 2006 و2008 لكنه يبدو اليوم أكثر تقبلاً وانفتاحا على الآخرين.

واضاف سرمد “انا من المتأثرين باحداث 2006.. أخي خطف وتمت تصفيته.. في تلك الفترة كانت الحالة مبهمة.. الحمدلله والشكر تجاوزناها… ما كنت متردد للزواج من شيعية ابدا”.

مرتضى اليوسف

 يصنف البعض عام 2006 على انه أكثر الأعوام دموية.. ورغم عتمة زواياه، كان هناك مجال للحب.. كما تحدثني (زينب علي) وهي سيدة ثلاثينية تنتمي للطائفة الشيعية بالقول “احنا اتزوجنا بـ2006 والكل يعرفون هاي السنة.. اني زوجي كردي وهو سني واني عربية وشيعية.. لكن مسألة طبيعية.. يمكن عارضتنا مشكلة لان والده عارض لكن تجاوزناها.. علاقتنا جدا حلوة هو متفهم قوميتي ومذهبي”.

في العراق.. واحد من كل عشرة أشخاص أنُجب من أبوين مختلفي المذهب.

لا توجد نصوص تنظم الزواج بين المذاهب والقوميات في العراق.. في وقت يستبعد فيه، مختصون تأثره بالأوضاع الأمنية مقارنة بأفكار تحرمه شرعاً.

ويقول المحامي ستار جابر الحلو إن “هذا الزواج متعارف عليه قبل قرون.. لكن بعد 2003 نتفاجئ بحدوث حالات طلاق.. او هناك اسر تمنع أبنائها من الزواج بطائفة مختلفة.. هذا الموضوع رجال الدين لهم دور كبير فيه”.

هناك من يلقي باللائمة على السياسة في الفصل بين المذاهب كما تقول لي الناشطة في حقوق المرأة سعاد الجزائري وتضيف “التنوع العراقي لا يمكن أن يزول.. رغم كل المحاولات الي جرت من خلال الفصل بين الاديان والقوميات وهذا سببه السياسة التي تريد تقسيم العراق.. انا مازلت اعتقد ان شريحة الشباب هي اكثر الشرائح تجاوزا لهذا الطائفية.. اختلط الزواج المختلط يكون قائم.. انت في كل مكان تختلط بين القوميات والاديان.. وسيبقى الاختلاط باقيا”.

في المقابل.. كثير من الشباب ممن تحدثت معهم، حملواَ بعض رجال الدين مسؤولية التصادم بين مذاهب الدين الواحد. حاولت مرارا إجراء مقابلات مع رجال دين سنيةَ وشيعةَ، لكنهم رفضوا.

ترى الحكومة العراقية أن توفير بيئة آمنة أمر كفيل بتعزيز التنوع المذهبي والقومي في العراق حسبما يحدثني رافد جبوري المتحدث باسم المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء “الزواج المختلط ظاهرة تبعث الامل دوما على مدى تاريخ العراق.. لو تحدثنا عن الزواج المختلط.. والذي يسموه بالانكليزي (سوشي ماريجز).. فان ذلك يدل على ان هناك مجتمع حي ورغبة حقيقة في العيش.. وهذا الامر فعال”.

على مدى قرون تعايش العراقيون بمختلف مذاهبهم وأديانهم وأعراقهم المتنوعة جنبا إلى جنب تاركين خلفهم أجيالا بألوان مختلفة، ويفسر كثيرون بأن الفجوة بين السنة والشيعة والقوميات والأقليات الأخرى وإن اتسعت في الآونة الأخيرة.. فهي على مر التاريخ، قابلة للردم في المحصلة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *